قال: نظرية الإخاء بين المسلمين..فالإخاء معنى أعمق غورًا،
وأبعد مدى، من التكافل بين الفرد والمجتمع.. فالإخاء لا يعتمد على تبادل المنافع،
ولا على الإعطاء مقابل الأخذ، وإنما هو معنى إنساني روحي، ينبع من جوهر الإنسان
الأصيل، الإخاء يقتضي الأخ أن يعطي أخاه وإن لم يأخذ منه، وأن يساعد أخاه وإن لم
يكن محتاجًا إليه، وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، بل قد يؤثره إلى نفسه.
ويتأكد حق هذه الأخوة إذا كان المؤمنون بها يعيشون في ظل
مجتمع واحد، فهنا تنضم رابطة المساكنة في الوطن الواحد إلى رابطة الأخوة الإيمانية
الواصلة، ومن الثابت أن دار الإسلام -على سعتها- وطن واحد للمسلمين، وأن أبناء
الإسلام داخل هذا الدار مجتمع واحد.
وقد بينَّ رسول الإسلام a حقوق هذه الأخوة بأحاديثه الكثيرة
الهادية: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا)[1].. (مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى
والسهر)[2].. (المسلم أخو المسلم لا يظلمه
ولا يسلمه)[3]، ومن ترك أخاه يجوع ويعرى
ويمرض، وهو قادر على إنقاذه من الجوع والعرى والمرض، فقد أسلمه وخذله.
هذا هو المجتمع المسلم: بنيان مرصوص يشد بعضه بعضًا، وأسرة
واحدة يكفل كل أخ فيها أخاه، بل جسد واحد، إذا اشتكى بعضه اشتكى كله.. فمن حق
الإنسان المسلم الذي لا يستطيع أن يعمل، أو يستطيع أن يعمل ولا يجد عملاً، أو يعمل
ولا يجد كفايته من عمله، أو