قال: ليس بالبساطة التي تتصورها.. ألم تر تلك الدماء التي
سالت.. والرؤوس التي قطعت.. والجماجم التي عبث بها؟.. لقد أنبت الله من كل ذلك..
ومن كل تلك الأفواه والأيدي.. أنبت من كل ذلك دولة الحق والعدل والإيمان.
صحت: ودولة الباطل.. ما الذي حصل لها؟
التفت إلي، وقال: ما حصل لجميع دول الباطل والظلم والجور..
للباطل نهاية حتمية لابد أن ينتهي إليها.. ألم تسمع ذلك من أحاديث خبيب بن عدي،
والحسين بن علي، وزيد بن علي، وميثم التمار، وعمار بن ياسر، وحطيط الزيات، وسعيد
بن جبير، والنّفس الزّكيّة، وحجر بن عدي، ومحمد باقر الصدر.. وغيرها كثير؟
قلت: وما أدراك أنت بهذه الأسماء؟
قال: هذه الأسماء هي التي أسقطت دولة الباطل.. وهي التي
أقامت دولة الحق.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لقد كان الناس يحملون صورة مشوهة عن عدالة الإسلام..
لقد كانوا يتصورون أن حكم الإسلام ليس إلا أياد تقطع، وظهور تجلد، ورؤوس تفصل عن
أجسادها.. ويرون فيه الاستبداد والظلم والعدوان.. ولكنهم ما إن سمعوا أحاديث خبيب
وإخوانه حتى انقلبت الصورة في أعينهم.. وانقلبت مع انقلابها عروش الباطل، لتقوم
على أنقاضها عروش الحق.
قلت: وما أدرى الناس بأحاديث هؤلاء؟
ابتسم، وقال: هذا سر.. كنا نقوم به في هذا السجن.. لقد
احتلنا على من كان يحتال علينا.. فارتد كيده في نحره.
صاح رجل منا: ألا تتفضل علينا بإطلاعنا على هذا السر؟
قال: بلى.. سأفعل.. فنحن وإن أخطأنا فقد أصبنا.. وإن أسأنا،
فقد أحسنا.