قلت: لا أظنه يجدي.. فقد لا يفطن الناس لكثير من الفقراء..
وقد يبالغون في إعطاء بعض من يبدو لهم أنهم فقراء.. وقد يدخل الاحتيال في هذا
الباب.
قال: فلذلك يحتاج هؤلاء إلى تنظيم.. وتحتاج صدقاتهم إلى
تنظيم لتفعل مفعولها، وتؤدي الغرض منها.
قلت: ذلك صحيح.
قال: فهذا دور الحاكم..
قلت: هذا في الصدقات.
قال: وهو في كل شيء.. ليس للحاكم من دور سوى التنظيم
والرعاية والحزم الذي يردع به أهواء النفوس..
قلت: والبرنامج الذي هو مشروعه؟
قال: ليس الحاكم هو الذي يضع البرنامج.
قلت: ومن يضعه إذن؟
قال: لقد علمنا نبينا أن ننزل الناس منازلهم.. فلذلك يتاح
لكل جهة أن تضع المشاريع التي تحتاجها.. وليس للحاكم إلا أن يمدها بما تحتاجه..
وينظم تلك الحاجات.
قلت: لم كان الأمر كذلك؟
قال: حتى يبقى دور الحاكم محصورا وضيقا.. الشريعة الإسلامية
ترى هذا.. لأن الاستبداد لا يأتي إلا من استيلاء الحاكم على كل السلطات.. وحينذاك
تضيع الحقوق الكثيرة.
قلت: كيف تضيع؟
قال: عندما تتوقف المشاريع على الحاكم يصبح هم الناس البحث
عن الحاكم الذي يقبل مشاريعهم.. وهنا يقع الصراع..
قلت: إن ما تقوله جميل.. ولكنه لا يصلح للمدنية المعاصرة.