الوارث ومحمد الهادي والحكيم.. وكل أولئك الرجال العمالقة [1].. لقد صحت بمجرد أن رأيته:
والله ما هذا بوجه كذاب.
قال لي صاحبي: الكذاب يعرف من وجهه.. والشعارات الخادعة تعرف
من الناطقين بها.. إن هذا الرجل الذي تراه رجل ممتلئ بالحكمة والخير والرحمة.. لم
نر منه منذ عرفناه إلا الخير والعقل والحكمة.
قلت: لقد سمعت أن هناك خلافا في اسمه.
قال: لأنه لا يذكر اسمه.. ولا يهتم باسمه.. منذ عرفناه وهو
لا يتحدث إلا عن العدالة والخير والحقيقة.. هو لا يجد الوقت الكافي الذي يتحدث فيه
عن نفسه..
أردت أن أتكلم.. فإذا بالحاكم يبدأ حديثه.. وسأنقل لك نص ما
قال، فقد كان نصا مختصرا جامعا.. لقد قال: أيها الناس.. لقد وليتموني هذا الأمر..
ولا أجد نفسي أهلا له.. وإني لن أقول لكم في هذا الموقف إلا ما قاله الخلفاء
الراشدون العدول..
وإني أشهدكم في هذا المحل أني لن أقبل معارضة ولا موالاة..
كلكم يجب أن يعارضني إن جرت أو استبددت أو ظلمت.. وكلكم يجب أن يواليني ويعينني إن
أحسنت أو عدلت أو أنصفت.
وإني أدعو من هذا المحل كل من يتوسم في نفسه القدرة على أي
إصلاح، أو كان لديه أي مشروع صالح أن يسرع ليعرضه على الأمة وعلى أهل الاختصاص
منها.. ولا يمكنني إلا أن أضع نفسي في خدمته، وفي خدمة أي مصلح.. لا يهمني دينه
ولا مذهبه ولا حزبه.. فأنا بحمد الله لم أقبل هذا الأمر منكم إلا لتحقيق العدل..
العدل الذي جاء به الأنبياء.. والذي حنت له النفوس في جميع أجيالها.