وأدعوكم فوق ذلك كله إلى العمل والإنتاج.. فلا يمكن لأمة أن
تتحرر وهي لا تصنع خبزها.
وأدعوكم إلى أن تجتمعوا لتختاروا من تشاءون من أهل ولايتكم
وأهل التدبير فيكم.
أما من عندنا من أخواننا من أصحاب المذاهب المختلفة.. فنحن
نحترم خصوصياتهم.. فلهم حريتهم الدينية المطلقة.. بل إنهم شركاؤنا في تحقيق العدل..
فلا يمكن للعدل أن يستبد به أحد من الناس.
أما ما يثار بينكم من تخويفات بأننا سنقطع الأيدي ونفصل
الرؤوس عن أجسادها.. فتلك وساوس شياطين.. إن ديننا دين حياة لا دين موت.. ودين
إصلاح لا دين إفساد..
نعم.. في شريعتنا عقوبات رادعة.. ولكن الشريعة التي وضعت
العقوبة أمرتنا بأن نتمهل في تنفيذها حتى لا نظلم أحدا من الناس.. ولهذا فإن من
مشاريعنا الحالية استخدام كل الوسائل اللينة لمعالجة المخالفات.. ولن نستعجل
بالعقوبات الشديدة حتى نرى أنكم قد توفر لديكم من القناعات ما يجعلكم تقبلون هذا
النوع من العقوبات.. ولن نطبقه ـ في حال الاضطرار إلى تطبيقه ـ إلا وفق المقاييس
الشرعية التي تراعي العدالة والحكمة.
قال ذلك، ثم انصرف.. وعلى وجهه من هالات النور ما ملأني
بالمهابة.
قلت: فلم لم تبق في تلك المدينة بعد أن رأيت فيها ما رأيت؟
قال: لقد بقيت مدة فيها لأتأكد من مدى جدية الأمر.. وقد رأيت
فوق ما سمعت.. لقد رأيت بعيني العدالة تمشي على الأرض في تلك المدينة الفاضلة التي
تأسست على تعاليم محمد a.