لم يكن الدكتور منجل فريدا في هذا الباب.. بل كان معه نفر كثير.. منهم من
رأيته.. ومنهم من لم أره، ولكني سمعت به، وسمعت بالكثير من آثارهم المؤلمة القاسية..
كان منهم من يقوم بعمليات استئصال لمرضاه دون تخدير ليدرس أثرها..
وكان منهم من يطلق الرصاص عليهم لاختبار فعاليتهم في الحرب..
وكان منهم من يعرض مرضاه لغازات سامة في عمليات اختبارية..
وكان منهم من يضعهم في غرفة مفرغة من الهواء لمعرفة المدة التي يستطيع
الإنسان خلالها أن يظل حياً وهو على ارتفاعات عالية أو بدون أوكسجين.. وكان الأوكسجين
يُقلل تدريجياً ويخفض الضغط، فتزداد آلام خنازير التجارب البشرية شيئاً فشيئاً حتى
تصبح آلاماً لا يمكن احتمالها حتى تنفجر رئاتهم.. كما كان الضغط الداخلي على أغشية
طبلات الآذان يسبب لهم عذاباً يوصلهم إلى حد الجنون.
وكان منهم من أجرى تجارب على أمخاخ الضحايا، وقد اختار د. برجر، التابع
لإدارة الإس. إس. عدداً من العينات البشرية (79 يهودياً ـ بولنديان ـ 4 آسيويين ـ
30 يهودية) تم إرسالهم لمعسكر أوشفيتس ثم قتلهم بناء على طلب عالم التشريح الأستاذ
الدكتور هيرت الذي أبدى رغبة علمية حقيقية في تكوين مجموعة كاملة وممثلة من
الهياكل العظمية اليهودية (كما كان مهتماً بدراسة أثر الغازات الخانقة على
الإنسان)..
أما الدكتور برجر نفسه فكان مهتماً بالآسيويين وجماجمهم، وكان يحاول أن
يكوِّن مجموعته الخاصة.
ويبدو أن عملية جمع الجماجم هذه وتصنيفها لم تكن نتيجة تخطيط محكم، وإنما
نتيجة عفوية للرؤية النفعية المادية.. إذ ورد إلى علم البروفسور هاليروفوردن أنباء
عن إبادة بعض العناصر البشرية (التي لا تستحق الحياة)، فقال للموظف المسئول بشكل
تلقائي: (إن كنتم ستقتلون كل هؤلاء، فلماذا لا تعطوننا أمخاخهم حتى يمكن
استخدامها؟)، فسأله: كم تريد؟