قلت ـ وأنا
أمد يدي لأخنق بها شيئا لا أدري ما هو ـ: فلم لا نخنق هؤلاء.. لم لا نطعنهم.. لم
لا نفجر فيهم القنابل.. لم لا نرسل عليهم بالويلات التي تبيدهم.. لم لا نحرق دماهم..
؟
قاطعني
مبتسما، وقال: يمكنك أن تفعل كل ذلك.. ويمكنك أن تدعو الكل لينفذ ذلك.. ولكن لا
تنس شيئا واحدا.. لا تنس أن تبدأ بقتل الشيطان وقتل النفس الأمارة قبل أن تبدأ
بهم.
قلت: فكيف أصل
إلى الشيطان؟
قال: ما دام
الشيطان موجودا.. وما دامت النفوس الأمارة موجودة.. فإنه من العبث أن تريق دماء
هؤلاء.. ومن العبث الأكبر أن تحرق دماهم.
أطلق العصفور
من يده، وقال: ما دامت المدرسة التي تكون المجرمين موجودة.. وأساتذتها أحياء.. فمن
العبث أن تقتل التلاميذ المتخرجين منها..
قلت: فما
الحل؟.. أرى أن الأمر لو استمر بيد هؤلاء، فسيشوه دين الله تشويها لا مطمع في
إصلاحه.
قال: دين الله
لا يشوه.. دين الله محفوظ كحفظ كتابه.. ألم يقل الله تعالى:﴿ إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر:9)؟
قلت: بلى..
إن هؤلاء لم يطيقوا أن يحرفوا حروفه وألفاظه.. ولكنهم يطيقون أن يحرفوا معانيه
ومقاصده.. فيحولوا من شريعة الرحمة شريعة قسوة.. ومن دين العدالة دين جور..
قال: إن الله
الرحيم الرحمن الذي تولى حفظ حروف كتابه تولى حفظ معانيه ومقاصده.. ولذلك لا تمضي
فترة من الزمان دون أن يكون فيها قائم لله بالحجة.
ثم سكت قليلا،
وقال: سأحدثك اليوم عن ورثة قدر الله أن ألتقي بهم لأتعرف على رسالة الرحمة
الشاملة العامة التي جاء بها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم..
قلت: ما
أشوقني لأحاديث الورثة.. فلا ينسخ همومي شيء مثلما تنسخه أحاديثهم.. فحدثني عنهم.