أخرى، إذ كلاهما يريد احتكار السود له، ونتيجة لذلك وضع نظام خاص لتوزيع
العمال حسب الحاجة كما يقررها السادة، أما الزائدون فيردون للعمل من حيث أتوا!.
لقد أدى التقدم الصناعى إلى القضاء على مجتمع (البانتو) القبلى، وفى خلال
السنين العشر الأخيرة كثرت هجرة الإفريقيين إلى المدن حتى أصبح من يقطنها منهم
يزيدون على مليونين، وهم يقومون بخدمة الأوروبيين نهارا، ثم يعودون للجهات المخصصة
لهم فى المساء، بوسائل النقل التى أعدت لهم وحدهم! فالقانون يحرم عليهم الوسائل
الخاصة بالبيض.
كذلك تخصص للسود والكلاب مصاعد فى العمارات الكبيرة. ويحرم القانون السود
من الجلوس على مقاعد البيض بجوار البحيرة، ومن يخالف القانون يجلد أو يزج فى
السجن.
والأحياء الوطنية قذرة للغاية، والبيوت لا تتعدى أن تكون أكواخا من الطوب
القديم، يعيش فيها الأصحاء من الصبية، يأكلون وينامون فى نفس المكان مع المرضى
بالسل.
وقلما توجد أسرة لم يمرض أحد أفرادها منه!
والمرض عموما منتشر بين الوطنيين بنسبة كبيرة، والعلاج يكاد يكون منعدما.
ففى بعض الأحياء يوجد طبيب واحد لعلاج أربعين ألفا من السكان. ولا يوجد علاج
بالمجان، لذلك نجد أن 65 بالمائة من الأطفال يموتون قبل أن يصلوا إلى سن الثانية
من عمرهم، وتصل نسبة الوفيات عادة إلى 50 بالمائة.
وتظهر التفرقة بين البيض والسود حتى فى الموت، إذ يخصص للأخيرين مدافن
بعيدة.
إنه لمن العسير أن يتصور من لم ير بنفسه الحياة فى جنوب إفريقيا ما يجرى
هناك من عنف وتعسف فى المعاملة.
وحدث عن قسوة رجال البوليس وكبتهم للحريات، وكيف تنهب الأموال التى كسبت
بعرق ودماء الملايين من السود، بدلا من استغلالها فى تحسين حالهم.