إليها بعض كرائم السيدات المسلمات ليقضين الليل معها.. وسمع نساء الفرنج
المقيمات بمصر هذا التصرف الدنىء، فذهب بعضهن وانضممن مع النساء المسلمات فى
المبيت مع السيدة الكبيرة فى معتقلها..
ولما أصبح الصباح ذهب كبار المشايخ إلى نابليون بونابرت نفسه، وكلموه فى
الإفراج عن السيدة التى باع لها الأمان بالمال من قبل.. فرضى قائد فرنسا العظيم أن
يطلق سراحها، ولكن بعد أن يبيع لها الأمان مرة أخرى بالمال.. وحدد بنفسه المبلغ:
ثلاثة آلاف ريال، فدفعتها السيدة وانصرفت..
قال الجبرتى: (وذهبت إلى بيت لها مجاور لبيت القاضى، وأقامت فيه، لتكون
فى حمايته)
التفت ذو البجادين إلى زويمر ووكيله، وقال: لا شك أنكم فى دهشة مما
تسمعون.. لقد اعتدتم أن تصوروا نابليون فى هالة من المجد والعظمة المزورة..
لا شك أنكم فى دهشة بالغة.. لا تكادون تصدقون معها أن هذا الرجل الذى
يجعله الفرنسيون مصدر فخرهم، وعنوان مجدهم، ينحط فى إنسانيته ومروءته إلى هذا
الدرك المعيب..
ولكن - مع الأسف الشديد - هذا هو الواقع المر الذى نجده فى مذكرات
الجبرتى التى كان يكتبها يوما بيوم يسجل فيها ما رأى من حوادث تلك الأيام، وهو
عالم ثقة، ومؤرخ صادق...
ولا ندرى لماذا اجتنب المؤرخون أن ينقلوا للناس ما ذكره هذا المؤرخ فى
مذكراته اليومية عن هذا الرجل وجنوده من صور عجيبة.. نعم صور عجيبة لم يقف فيها
العجب عند بيع الأمان للنساء مرة ومرة، بل تعدى ذلك إلى بيع الأمان للخيول
والثيران..
فهذا المحارب العجيب، يطلب إلى الناس أن يقدموا له كل ما يملكون من خيل
وجمال، وأبقار وثيران..