وفي الحديث عن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة،
ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم.. قال قرأها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ثلاث مرار، قال أبو ذر: خابوا وخسروا مَنْ هم يا رسول الله؟ قال:
(المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) [1]
وقال:(أربعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: عاق ومنان ومدمن خمر ومكذب
بقدر)[2]
بل إن علماء المسلمين اعتبروا – انطلاقا من
النصوص المتشددة في هذا الباب – أن كل ما يؤذي الفقير يجب اجتنابه حتى لو
كان في ظاهره معروفا.. فعن بعضهم، قال: كان أبي يقول: إذا أعطيت رجلا شيئا ورأيت
أن سلامك يثقل عليه - أي لكونه يتكلف لك قياما ونحوه لأجل إحسانك عليه - فكف سلامك
عنه)
ضحك زويمر بصوت عال، وقال: وما علاقة كل ذلك بما نحن فيه.. لقد أوردت لك
النصوص التي يحث فيها الإسلام على الفقر.. فهل من علاج الفقير حثه على الفقر؟
ابتسم ذو البجادين، وقال: أرأيت لو أنك خاطبت مريضا مرضا مزمنا عجز جميع
الأطباء عن شفائه، بقولك: لا بأس عليك – يا أخي – فما المرض إلا حالة بسيطة تمر بها بعض أعضائك، ويمكنك
أن تعيش معه حياة طبيعية سليمة إن راعيت ما يتطلبه من أنواع العلاج.. فهل ترى في
هذا الكلام ما يدعو إلى المرض، أو يحرض عليه؟
قال زويمر: وما علاقة المرض بالفقر؟
قال ذو البجادين: كلاهما سواء في هذه الناحية.. فالمريض مس الألم جسده،
وجعله محروما من بعض متع الحياة، وهكذا الفقير، ولكن الألم لم يمس جسده، وإنما مس
ذات يده، وهو لذلك يحرم من بعض المتع التي يتمتع بها سائر الناس.