قال زويمر: فلنفرض وجود التشابه بينهما، فما علاقة المثال الذي ذكرته
بالعلاج النفسي للفقير؟
قال ذو البجادين: ذلك الخطاب الطيب هو نفسه الخطاب الذي خاطب به الإسلام
الفقير.. لقد ذكر له أن الفقر شيء هين، لا ضرر منه على دينه ولا على حياته.. بل
ذكر له من الثمار التي قد يجنيها من فقره إن هو أحسن التعامل معه ما لا يجده
الأغنياء في غناهم.
قال زويمر: فهو يحثهم على الكسل إذن؟
قال ذو البجادين: فرق كبير بين الأمرين.. فرق بين خطاب نفس الفقير وروحه
بما يطمئنها ويملؤها بالسعادة والسلام وبين ما ذكرته من الكسل والعجز..
قال زويمر: أنا لا أرى أي فرق.
قال ذو البجادين: الفرق في المخاطب بكلا الأمرين، فالنفس والروح لا علاقة
لها في الأصل بالفقر والغني.. ولذلك تخاطب بما يرفع همتها عن النظر إلى الدنيا
ومتاعها.. أما جسد المكلف وقواه وقدراته، فتخاطب بما يجعلها تسعى وتتحرك في الحياة
بحسب القدرات التي وهبت لها.
سأضرب لك مثالا يقرب لك ذلك..
أرأيت لو أن قوما مسافرين نفذ من بعضهم الزاد، فصاروا فقراء.. هل ترى
نخاطبهم بما يملؤهم بالألم واليأس، أو ترى أن الخطاب الأمثل لهم هو أن نقول لهم:
نعم.. أنتم نفذ منكم الزاد.. وصرتم لذلك فقراء.. ولكن ذلك لن يحول بينكم وبين
مواصلة سفركم.. لأنكم إن وصلتم إلى بلادكم، فستجدون أموالكم تنتظرون، وسترون من
الغنى ما فقدتموه في هذه الطريق؟
سكت زويمر، فقال ذو البجادين: هذا المثال ينطبق على معاملة الإسلام
للفقير في هذه الناحية.. إنه يقول له: نعم أنت فقير.. ولكن فقرك المادي لا يعني
فقرك الروحي.. أو لا ينبغي