وتُحبط وتكسل، وإنما تطلب قوّتها من ربها، وتسعى وتعمل وتتذلل لمن بكلمة
واحدة يهبها القدرة على ما يريد، ويُلين لها الحديد، ويعطيها فوق المزيد.
هذه ـ يا أحبة ـ هي طريقة الإسلام في التعامل مع النفس، والترقي بها:
إنها تبدأ فتعرفها بحقيقتها؛ فقد خلقها الله من عدم، وجبلها على ضعف،
وفطرها على النقص والاحتياج والفقر إليه.
ثم تدلها على المنهج الذي يرفعها من هذا الضعف والفقر الذي جُبلت عليه،
لتكون برغم صفاتها هذه أكرم خلق الله أجمعين..
ثم هي تذكرها بعَدُوِّها الذي يريد إضلالها عن طريق الله المستقيم بتزيين
طرق غواية تشتبه به، وتحذيرها من اتباعه، وبيان طرق مراغمته.
إن هذا المنهج – كما ترون - منهج تعترف فيه النفس بفقرها
وذلها إلى الله، وتتبرأ من حولها وقوتها، وتطلب من مولاها عونه وقوته وتوفيقه
وتسديده، فيعطيها جل جلاله، ويكرمها ويُعليها.
إنه منهج تعترف فيه النفس بضعفها واحتياجها، وتستعين فيه بخالقها ليغنيها
ويعطيها، ويقيها شر ما جبلها عليه؛ فيقبلها ويهديها، ويسددها ويرضيها.
وهو منهج تتخذ فيه النفس أهبة الاستعداد لعدوها المتربص بها ليغويها؛
فتستعيذ بربها منه، وتدفع شر ذلك العدو بما شرع لها؛ فإذا كيده ضعيف، وإذا قدراته
مدحورة عن عباد الله المخلصين؛ فقد أعاذهم ربهم وكفاهم وحماهم وهو مولاهم؛ فنعم
المولى، ونعم النصير.
وهو منهج يضاد منهج قارون الذي راح يصيح بكبرياء:﴿ إنَّمَا
أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ﴾ (القصص: 78)
وهو منهج ينابذ منهج الأبرص والأقرع اللذان راح يصيحان:(إنما ملكناه
كابراً عن