نظرت إليه أم البنين، وقالت: المؤمن القوي ليس قوياً من عند نفسه، ولا
بمقومات شخصيته.. وإنما هو قوي لاستعانته بربه، وافتقاره إليه، وثقته في موعوداته
الحقة.
تأمل – يا أخي - كلمات القوة من موسى ـ عليه السلام
ـ أمام البحر والعدو وراءه:﴿ كَلاَّ إنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ
﴾ (الشعراء: 62)..
فموسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يثق بنفسه، وقد أُعطي من المعجزات
وخوارق العادات ما أعطي! وإنما كانت ثقته بتوكله على الذي يستطيع أن يجعله فوق
الإمكانات البشرية، بل يجعل لعصاه الخشبية قدرات لا يستطيعها أساطين الطقوس
السحرية.
تأمل ـ أخي ـ قوله a في الحديث الذي ذكرته:(استعن بالله ولا
تعجزن).. إن هذه الكلمات تفسر سر قوة المؤمن.. إنها قوة مستمد من إيمانه واستعانته
بربه.
إنها كلمات الحبيب a يربي أمته على منهج الإيجابية والفاعلية..
لم يقل: تخيل قدرات نفسك.. ولم يقل: أيقظ العملاق الذي في داخلك وأطلقه.. ولم يقل:
نوّم الواعي وخاطب اللاواعي لديك برسائل إيجابية، وبرمجْهُ برمجةً وهمية؛ وإنما
دعاك a إلى الطريقة الربانية، وخاطبك مخاطبة عقلية بعبارات
إيمانية:(استعن بالله ولا تعجزن)
فاستعن به وتوكل عليه، ولا تعجزن بالنظر إلى قدراتك وإمكاناتك؛ فأنت
بنفسك ضعيف ظلوم جهول، وأنت بالله عزيز.. أنت بالله قادر.. أنت بالله غني.
الإيمان
بعد أن أنهت أم البنين حديثها، قام آحاد هعام، وقال: جميل.. جميل.. كل ما
ذكرته جميل.. ولكنه لا يصلح إلا لمن يعتقد ما تعتقدين.. كلامك يصلح خطبة في المسجد..
أو موعظة في الكنيسة.. ولكنه لا يصلح أن تخاطبي به في محافل الحياة الأخرى..
فالحياة التي تستند إلى الله حياة مملوءة بالضعف والجبن والعجز والكسل.. والدين
كما تقول أحدث