وهذا موسى u بعد أن تميز بقومه عن معسكر الفراعنة يقول
لهم:﴿ يَا قَوْمِ إِنْ
كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ
(84) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً
لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ
الْكَافِرِينَ (86)﴾(يونس)
وها هم الرسل جميعاً – عليهم الصلاة والسلام - يعتصمون بالتوكل على
الله أمام عناد أقوامهم وإيذائهم.. قال تعالى حاكيا عنهم:﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى
اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)﴾(إبراهيم)
بعد هذا، فإن المؤمن يستمد قوته من الحق الذي يعتنقه، فهو لا يعمل لشهوة
عارضة، ولا لنزوة طارئة، ولا لمنفعة شخصية، ولا لعصبية جاهلية، ولا للبغي على أحد
من البشر، ولكنه يعمل للحق الذي قامت عليه السموات والأرض، والحق أحق أن ينتصر،
والباطل أولى أن يندثر.. قال تعالى:﴿
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ
وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)﴾(الأنبياء).. وقال:﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ
إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)﴾(الإسراء)
المؤمن بإيمانه بالله وبالحق على أرض صلبة غير خائر ولا مضطرب، لأنه
يعتصم بالعروة الوثقى، ويأوي إلي ركن شديد:﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ (256)﴾(البقرة)
المؤمن بإيمانه بالله وبالحق ليس مخلوقاً ضائعاً، ولا كماً مهملاً، إنه
خليفة الله في