الناس، بل يؤثر الخفاء على الشهرة، وعمل السر على عمل العلانية، تجنباً
للرياء، وبعداً بالنفس عن مزالق الشرك الخفي، متمنياً أن يكون ممن يحبهم الله، من
الأبرار الأتقياء الأخفياء، الذين إذا حضروا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يفتقدوا،
محاولاً أن يكون كالجذع من الشجرة يمدها بالغذاء وهو في باطن الأرض لا تراه
العيون، وكالأساس من البنيان، يختفي في الأعماق وهو الذي يمسك البناء أن يزول.
وفي بعض الآثار تصوير لطيف للقوة الروحية للإنسان حين يتجرد للحق، ويخلص
له، تصوير يجعله أثقل في ميزان الحق من الأرض والجبال، والحديد النار والماء..
يقول الأثر: (لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتتكفأ، فأرساها بالجبال فاستقرت فتعجب
الملائكة من شدة الجبال فقالت: يا ربنا، هل خلقت خلقاً أشد من الجبال؟ قال: نعم..
الحديد.. قالوا: فهل خلقت خلقاً أشد من الحديد؟ قال: نعم، النار.. قالوا: فهل خلقت
خلقاً أشد من النار؟ قال: نعم، الماء.. قالوا: فهل خلقت خلقاً أشد من الماء؟ قال:
نعم، الريح قالوا: فهل خلقت خلقاً أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم.. إذا تصدق
صدقة بيمينه فأخفاها من شماله)
الثبات
بعد أن تحدثت سمية وأطالت عن الثمار اليانعة الطيبة
التي يجدها المؤمن في شجرة القوة التي جعلها الله فيه، قامت أخت لها.. كانت تحمل
نفس قوتها، ونفس مبادئها، ونفس النهج الذي تنهجه، وقد علمت بعد ذلك أن اسمها (بنت
الهدى)[1]
قامت، وقالت: إن من أعظم الثمار التي يجنيها المؤمن
من إيمانه بالإضافة إلى الثمار التي ذكرتها أختي سمية ثمرة الثبات.. فلا يمكن
للمستضعف أن يخرج من استضعافة ما لم يكن
[1] أشير به إلى بنت الهدى
أخت محمد باقر الصدر وقد استشهدت مع أخيها في سجون الطواغيت، وقد سبق أن تحدثنا عن
أخيها شهيد الإسلام محمد باقر الصدر في رسالة [عدالة للعالمين]