فجاء الحسين حتى وقف عليه، ووضع خده على خده، وقال: (قتل الله قوماً
قتلوك، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
على الدنيا بعدك العفاء)
وخرجت زينب بنت علي تنادي: (يا حبيباه يا بن أخاه)، وجاءت فأكبت عليه..
فجاء الحسين، فأخذها وردها إلى النساء، ثم جعل أهل بيته يخرج منهم الرجل بعد
الرجل، حتى قتل القوم منهم جماعة، فصاح الحسين في تلك الحال: (صبراً يا بني
عمومتي، صبراً يا أهل بيتي صبراً، فوالله لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً)
وخرج القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وقد كان غلاما كأن وجهه شقة
قمر، فجعل يقاتل، فضربه ابن فضيل الأزدي على رأسه، ففلقه، فوقع الغلام لوجهه وصاح:
يا عماه.. فجلى الحسين فضرب ابن فضيل بالسيف، فاتقاها بساعده فأطنها من لدن
المرفق، فصاح صيحة سمعه أهل العسكر، فحمل أهل الكوفة ليستنقذوه، فوطأته الخيل حتى
هلك.
وانجلت الغبرة، ورؤي الحسين قائماً على رأس الغلام وهو يفحص برجله،
والحسين يقول: (بعداً لقومٍ قتلوك، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك)
ثم قال: (عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك صوته،
هذا يوم والله كثر واتره وقل ناصره)، ثم حمل الغلام على صدره حتى ألقاه بين القتلى
من أهل بيته.
ولما رأى الحسين مصارع فتيانه وأحبته، عزم على لقاء القوم بمهجته، ونادى:
(هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟ هل من موحدٍ يخاف الله فينا؟ هل من مغيثٍ يرجو
الله بإغاثتنا؟ هل من معينٍ يرجو ما عند الله في إعانتنا؟)
فارتفعت أصوات النساء بالعويل، فتقدم إلى باب الخيمة وقال لزينب:
(ناوليني ولدي