قال زيد: لقد جعل الشارع سهما خاصا من الزكاة، يوجه لغاية واحدة هي تحرير
الرقاب.
قال توم: كيف يتم ذلك؟
قال زيد: لقد ذكر الفقهاء في ذلك طرقا يمكن انتهاجها جميعا: منها أن
يُعان المكاتب، وهو العبد الذي كاتبه سيده واتفق معه على أن يقدم له مبلغًا معينًا
من المال يسعى في تحصيله، فإذا أداه إليه حصل على عتقه وحريته وقد عرفت ذلك في
التشريع الثالث.
ومنها أن يشترى الرجل من زكاة ماله عبدًا أو أمة، فيعتقها أو يشترك هو وآخرون
في شرائها وعتقها أو يشترى ولى الأمر مما يجبيه من مال الزكاة عبيدًا وإماء
فيعتقهم.
قال توم: أترك هذا للأفراد وأمزجتهم؟
قال زيد: لا.. هذا في حالة عدم تولي الدولة شؤون الزكاة.
قال توم: فإن تولتها؟
قال زيد: إذا تولاها الحاكم المسلم ـ كما هو الأصل ـ فله أن يشترى ويعتق
من الرقيق ما يتسع له مال الزكاة، بشرط أن لا يجور على المصارف الأخرى.
ويمكن أن يأخذ بالرأي القائل بوجوب تسوية الأصناف المستحقين للزكاة،
وبهذا لا يقل نصيب العبيد عن الثمن.
قال توم: ولكن أليس الثمن نصابا حقيرا مع ما تتطلبه الحاجة إلى عتق الرقاب
من أموال؟
قال زيد: قد يرى ولي الأمر أن يزيد في سهمهم بسب الحاجة إلى ذلك، وخاصة
إذا استغنت الأصناف الأخرى، فقد روى يحيى بن سعيد، قال: بعثني عمر بن عبد العزيز
على صدقات إفريقية، فاقتضيتها وطلبت فقراء نعطيها لهم، فلم نجد فقيرًا، ولم نجد من
يأخذها منا،