زيادة على هذا كله، فإن وظائف هؤلاء العبيد محدودة
لا تصرفهم عن الحياة العادية ولا عن العلم، ولا عن أهله.. وكل ذلك قد لا يتسنى
لكثير من الأحرار في عصرنا.
^^^
بعد أن انتهى محمد علي كلاي وأصدقاؤه من تلك
الأحاديث الممتلئة بالحقائق والبراهين ساد صمت عميق ذلك المجلس.. قطعه العم توم
بقوله: اسمحوا لي – حضرة العبيد المحررين – أن أقر لكم بحقيقة..
أرجو أن لا تستقبلوها إلا بما تستقبل به الحقائق.
لقد رأيتم موقفي في بداية هذا المجلس من الإسلام..
وربما جعلكم ذلك تتصورون أني أحقد على الإسلام، أو أن قلبي يختزن نحوه من العداوة
ما يختزنه لساني.
وأريد الآن.. وبعد أن سمعت حديث هؤلاء الأفاضل أن
أخبركم بالحقيقة.. الحقيقة المرة التي جعلتني أبني هذا الكوخ في هذا البلد.
أنتم تعلمون أني من أمريكا.. فقد كنت أفخر كل حين
بينكم بهذا البلد.
ولاشك أنكم تعلمون حقيقتي التي كنت أكتمها.. وهي
أن أصلي ليس أمريكيا.. بل إنني من إفريقيا.. ومن بلد مسلم من بلادها..
بل إن أجدادي فوق ذلك كله كانوا من المسلمين..
ولكني.. وبسبب تلك العقد الكثيرة التي نشرها في
وفي أجدادي الاستعباد صرت لا أرى السادة إلا في أمريكا، ولا أرى السيد إلا ذلك
الرجل الأبيض الممتلئ بالقسوة.
وقد حملني هذا إلى أن أحمل كوخي لأسير به في
البلاد المستضعفة لأنفخ فيها ما ملأني به الإستعباد.. وأمارس عليها من السيادة ما
مارسه علي وعلى آبائي أولئك المجرمون القساة.
أما الآن.. وبعد أن سمعت أحاديث هؤلاء الرفاق
الطيبين، فإني أصرخ بينكم بكل قوة بشهادة التوحيد التي صرخ بها آبائي جميعا.