قال: أربع.. أما أولاها، فالأمل.. وأما الثانية، فالدينونة.. وأما
الثالثة، فالتصحيح.. وأما الرابعة، فالترقي.
قلت: فما وجه الانحصار في هذه المراحل؟
قال: أول ما تحتاجه في الطهارة الأمل في أن تتطهر.. فلا يمكن لليائس أن
يسير خطوة واحدة في أي طريق، فكيف يمكن أن يسير في طريق الله؟
قلت: والدينونة؟
قال: بعد أن تمتلئ بالأمل في فضل الله تستيقظ من سبات الغفلة، لتبحث عن
ذنوبك، فتمحوها بكير الخشية، ودموع الندم..
قلت: والتصحيح؟
قال: الذنوب تحدث خللا في النفس والعقل والقلب والروح.. والمجتمع..
والأمة.. والإنسان.. والكون.. ولن تتحقق بالطهارة حتى تصلح ما أفسدته الذنوب.
قلت: والترقي؟
قال: من اكتفي بالتطهير، ولم يحدث نفسه بالترقي في معارج الله أوقعته
نفسه في أودية الهوى، وعاد للذنب شعر أو لم يشعر.
قلت: فهل ستسير بي في هذه المراحل؟
قال: بل سأسير معك.. فأنا أضعف من أن أسير بك.
الأمل
استغرق السجين في صمت عميق قطعه عليه أصحابه بقولهم جميعا: فماذا حصل؟..
هل سرت معه في طريق الطهارة؟
قال: أجل.. وقد كانت أياما حلوة تلك الأيام.. لقد شعرت بنفسي، وكأني
أستحم في بحر لجي ممتلئ بجميع عطور الإيمان.. وشعرت، وكأن الله أرسل أمطار الطهارة
من كل صوب لتطهرني من ذلك الدنس الذي ملأ حياتي ألما.
قال بعض السجناء، وقد هزه ما ذكره: فحدثنا.. فما أشوقنا للطهارة.