قال: لقد ذكر لي أن كل من أحكم أصل الإيمان، واجتنب جميع الكبائر، وأحسن
جميع الفرائض من الأركان التي جاء بها الإسلام، ولم يكن منه إلا صغائر متفرقة لم
يصر عليها.. فإن هذا يشبه أن يكون عذابه المناقشة في الحساب فقط.. فإنه إذا حوسب
رجحت حسناته على سيئاته، إذ ورد في الأخبار أن الصلوات الخمسة والجمعة وصوم رمضان
كفارات لما بينهن، وكذلك اجتناب الكبائر بحكم نص القرآن مكفراً للصغائر، وأقل
درجات التكفير أن يدفع العذاب إن لم يدفع الحساب، وكل من هذا حاله فقد ثقلت
موازينه، فينبغي أن يكون بعد ظهور الرجحان في الميزان وبعد الفراغ من الحساب في
عيشة راضية.
نعم التحاقه بأصحاب اليمين أو المقربين ونزوله في جنات عدن أو في الفردوس
الأعلى، يتبع أصناف الإيمان، لأن الإيمان إيمانان: تقليدي كإيمان العوام يصدقون
بما يستمعون ويستمرون عليه، وإيمان كشفي يحصل بانشراح الصدر بنور الله حتى ينكشف
فيه الوجود كله على ما هو عليه، فيتضح أن الكل إلى الله مرجعه ومصيره، فهذا الصنف
هم المقربون النازلون في الفردوس الأعلى، وهم على غاية القرب من الملأ الأعلى.
هذا صنف من يناقش الحساب.. وهم من وقاهم الله من الوقوع في الكبائر..
أما من ارتكب كبيرة أو كبائر، أو أهمل بعض أركان الإسلام، فإن تاب توبةً
نصوحاً قبل قرب الأجل التحق بمن لم يرتكب، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له،
والثوب المغسول كالذي لم يتوسخ أصلاً.
أما إن مات قبل، فإن أمره مخطر عند الموت، إذ ربما يكون موته على الإصرار
سبباً لتزلزل