إيمانه، فيختم له بسوء الخاتمة، لا سيما إذا كان إيمانه تقليدياً، فإن
التقليد وإن كان جازماً فهو قابل للانحلال بأدنى شك وخيال، والعارف البصير أبعد أن
يخاف عليه سوء الخاتمة، وكلاهما إن ماتا على الإيمان يعذبان - إلا أن يعفو الله -
عذاباً يزيد على عذاب المناقشة في الحساب، وتكون كثرة العقاب من حيث المدة بحسب
كثرة مدة الإصرار، ومن حيث الشدة بحسب قبح الكبائر، ومن حيث اختلاف أصناف السيئات،
وعند انقضاء مدة العذاب ينزل البله المقلدون في درجات أصحاب اليمين، والعارفون
المستبصرون في أعلى عليين.
وقد حدثني عن أشياخه أن أكثر ما يدخل الموحدين النار مظالم العباد،
فديوان العباد هو الديوان الذي لا يترك، فأما بقية السيئات، فيتسارع العفو
والتكفير إليها، ففي الحديث، قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
لأصحابه: (أتدرون ما المفلس؟) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال:
(إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف
هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته،
فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في
النار) [1]
وقال a:(لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس
يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم
الناس، ويقعون في أعراضهم)
[2]
قلت: عرفت هذه الرتبة.. فحدثني عن رتبة الناجين.. ومن هم أهلها؟
قال: لقد ذكر لي شيخي عن أشياخه أن هذه الرتبة هي رتبة من لم يخدموا
فتخلع عليهم الجوائز، ولم يقصروا فيعذبوا.