قال: (ومع ذلك فإنى غير آمن من سطوة ربى أن يأخذنى بها فأنا على خطر من
قبول التوبة)
قال الرجل: فما تقول فيمن كثرت ذنوبه وسيئاته حتى فاقت العدد والإحصاء؟
قال ابن رجب: ليستغفر الله من الذنوب التي يعلمها، والتي لا يعلمها، فقد
وعد الله بالمغفرة عليها جميعا، وفي الحديث قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:(أسألك
من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب) [1]
قال آخر: فما ما هو الاستغفار التام الموجب للمغفرة؟
قال ابن رجب: هو ما قارن عدم الإصرار على المعصية.. لقد ذكر الله ذلك،
فقال:﴿ وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ
يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ
مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)﴾ (آل عمران)
انظر كيف قرن الله هذا الاستغفار بوعد أهله بالمغفرة.. ولهذا قال رسول
الله a:(ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون) [2]
وقال a: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر
من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه) [3]
قال الرجل: لقد ضيقت علينا بهذا الأبواب.. فمن يضمن لنفسه العصمة من
الذنوب؟
قال ابن رجب: ليس المراد بعدم الإصرار عدم الوقوع.. فقد يصر الشخص على
شيء ويعزم عليه، ولكنه ينكث عزمه.. فالمراد مما ذكرت هو أن يعاهد الله أن لا يقع
في الذنب بجزم وتأكيد، فإن قدر ووقع في الذنب عاد إلى الاستغفار من جديد..