responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رحمة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 440

يخاطب الجموع الملتفة حوله من عمال ذلك المذبح.. وفي عينيه دموع لو لم أكن أعرفه جيدا لصدقت أنها دموع رحمة.. ولكن معرفتي الطويلة به، وبأسلوبه في الحياة جعلني أرى في دموعه ما لا أرى في دموع غيره.

لقد كانت دموعه أشبه بذلك المنديل الذي كان يحاور به الثيران.. فهو خدعة من خدعه، وحيلة من حيله.. وقد أفصح لي عنها مرة عندما رأيته يبكي، فحزنت لبكائه، وراحت دموعي تزاحم دموعه، وفجأة ضحك بصوت عال، وقال: ها قد نجحت في أن أجرك إلى حلبتي.

قلت له حينها: ما تعني؟

قال لي، وهو لا يزال يضحك: لقد علمتني مصارعة الثيران أشياء كثيرة في حياتي، من بينها قدرتي على التلاعب بالعقول والعواطف.. فأنا يمكنني أن أبكي من شاء.. كما يمكنني أن أضحك من أشاء.

في ذلك اليوم.. وفي تلك اللحظات.. رحت أستمع إليه، وأرى في نفس الوقت وجوه المستمعين، وهي منشغلة انشغالا تاما بحديثه.

كان يمسك بيده دجاجة مذبوحة، وهو يقول: إن هذه الدجاجة المسكينة التي ترونها كائن حي له من المشاعر والأحاسيس ما لنا جميعا.

إنها تشعر بالألم كما نشعر.. وهي تحب الحياة كما نحبها.. وهي لا ترضى أن يحصل لها ما حصل كما لا نرضى أن يحصل لنا.

تصوروا أنفسكم في هذا الموقف.. أو تصوروا أحب الناس إليكم، وقد أصابه ما أصاب هذه الدجاجة المسكينة.

قال ذلك، ثم اغرورقت عيناه بدموع لم يستطع في الظاهر أن يحبسها.

قام بعض الحضور، وقال: نحن نقدر مشاعرك النبيلة.. ولكن ما الحل الذي تراه؟.. هل ترى أن نتوقف عن أكل الدجاج وسائر الحيوان؟

نام کتاب : رحمة للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 440
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست