لبعض الشهادات انتقيناها انتقاء، حيث سمعنا لامرأة تشكو زوجها، وأخرى
تشكو أباها، وأخرى تشكو نظرة المجتمع إليها.. وقد كان لشهاداتهن من التأثير النفسي
في الحاضرين أكثر من كل المحاضرات المقدمة، فقد تعمدنا أن نختار نساء غزيرات
الدمع، حلوات الحديث، قادرات على التلاعب بالعقول.
كان لهذا اليوم أن ينجح نجاحا لا نظير له، وكان له أن يترك تأثيره العميق
في علاقة الناس بمحمد وبالإسلام لولا أن حدثت المفاجأة التي لم نكن نحسب لها أي
حساب.
كانت هناك عجوز جالسة في الكراسي الخلفية للقاعة، ومعها أفراد من أسرتها،
لم نكن نهتم بها، ولا نأبه لها، بل كنا نتصور أنها ـ في حال فهمها لما يدور في
المؤتمر ـ ستكون أول الناس تأثرا بما نقول، وأنها ستتأسف على عمرها الذي قضته، وهي
مهانة لا كرامة لها، ولا حقوق تنالها.
رفعت يدها بأدب لتتحدث كما تحدثت سائر الشاهدات، فلم تجد رئيسة الجلسة
بدا من الإذن لها، فلم تكن تتصور أنها بحديثها ستنسخ كل ما قيل من أحاديث.
قالت: لقد تحدثتم جميعا.. وكلكم صببتم ما تملكونه من غيظ وحقد على محمد
ودين محمد.. وأنا الآن أقف بينكم لا كمحامية على هذا الدين، ولا على تلك الشمس
التي أنارت برحمتها العالمين، فالشمس أرفع من أن تحتاج من يدافع عنها.. ولكني أقف
كشاهدة على واقع عشته في ظل رجال استناروا بأشعة محمد a.
نعم لقد قرأ القارئ، وتحدث الخطيب، وهؤلاء المساكين شغلهم جمال أصواتهم
عن النور الذي جاء به محمد a، فلم يتفقهوا في دينه، ولم يتعلموا من هديه،
فلم يعبروا إلا عن الظلام الذي ترقد فيه أرواحهم.
وتحدثت النسوة.. وهؤلاء لا أكذبهن، ولكن ما حصل لهن من عناء ثمرة للبعد
عن محمد ودين محمد، وفي إمكانكم أن تسألوهن عن هؤلاء الرجال الذين أهانوهن..
وسترون أنهم لا