قال الجمع: فحدثينا عن الأولى.. حدثينا عن المساواة.
قالت: اسمحوا لي أن أحدثكم عن تجربتي معها.. أنا رابعة أخواتي.. ولم يرزق
والدي غيرنا.. فلم يكن له إلا البنات.. ولذلك، فقد سماني (رابعة)[1]
قالت لها إحدى الحاضرات: إذن كنت شؤما في البيت.
قالت: لا.. لقد استنار والدي بأشعة محمد a فكسفت جميع الظلمات التي نشرتها الجاهلية.. لقد
حدثتني أمي عن الفرحة العظيمة التي كانت تبدو على ملامح أبي حينما ولدت..
وقد ذكرت لي ما قال لها حينما ولدت، لقد قال لها: إن الله وهب لنا هذه البنت
لتكون جوازا لنا إلى الجنة، فقد بشرنا a بالجزاء العظيم الذي نناله من تربية
البنات، فقال:(من كانت له بنت، فأدبها فأحسن أدبها، وعلمها
فأحسن تعليمها، وأسبغ عليها من نعم الله التي أسبغ عليه كانت له سترا أو حجابا من
النار)[2]
ففي هذا الحديث إخبار بأول جزاء يناله من رزق إناثا، فأحسن إليهن، وبرهن،
وهو أن هؤلاء البنات يقفن حجابا بينه وبين النار.
بل ورد ما هو أكثر من ذلك.. ففي الحديث قال a:(لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فيتقي الله فيهن
ويحسن إليهن إلا دخل الجنة)[3]
[1] أشير به إلى (رابعة
العدوية) وهي رابعة بنت إسماعيل العدوية، أم الخير، مولاة آل عتيك، البصرية، صالحة
مشهورة، من أهل البصرة، ومولدها بها.
لها أخبار في العبادة
والنسك، ولها شعر.. ومن كلامها: (اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم) توفيت
بالقدس، قال ابن خلكان: (وقبرها يزار، وهو بظاهر القدس من شرقيه، على رأس جبل يسمى
الطور) وقال: (وفاتها سنة 135 كما في شذور العقود لابن الجوري، وقال غيره سنة 185.