فقد عبر القرآن الكريم عن عن إعطائه الإناث بصيغة الهبة، مسويا لهم في ذلك
مع الذكور.
بل إن الله تعالى قدم الإناث في الذكر
على الذكور، ليبين أن رحمته بإعطاء الأنثى قد تكون أعظم من رحمته بإعطائه الذكور،
لمن عرف كيف يتعامل مع هبة الله.
وفي التعبير بالهبة دلالة أخرى لها أهميتها الواقعية، وهي أن الكثير من
العامة يتصورون أن جنس المولود سببه الأم، فلذلك قد يطلق الرجل امرأته إن ولدت له
إناثا، فرد الله تعالى بأن جنس المولود هبة
منه لا علاقة له بأحدهما.
وفي التعبير دلالة أخرى أعمق من ذلك كله لتعلقها بالجنس البشري جميعا، وهو
أن الأمر لو ترك للأهواء لانقرض الجنس البشري من زمن بعيد، لأن الأهواء قد تميل إلى جنس معين مما ينشأ عنه اختلال التوازن الذي يحفظ
النوع، فلذلك كان هذا هبة من الله لا اختيارا من البشر.
قالت إحدى الحاضرات: ولكن ألم تسمعي ما ورد في القرآن من الحديث عن ولادة
مريم، فقد جاء فيها:﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ
أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾ (آل عمران:36)، فاعتبر الذكورة خيرا من الأنوثة؟
قالت العجوز: يا ابنتي هذا فهم خاطئ لكتاب الله.. فأنت تحملين الآية ما لا
تحتمل..هل قالت الآية:(الذكر خير من الأنثى) أم قالت:﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى
﴾
قالت المرأة: بل قالت:﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾
قالت العجوز: فالآية تعبر عن حقيقة.. فالذكر مختلف في نواح كثيرة عن الأنثى..
والعدالة والرحمة تقتضي أن يعامل كل جنس بما تقتضيه طبيعته.
وفي قول أم مريم دلالة على هذا، فقد نذرت هذه المرأة الصالحة مولودها لخدمة
المسجد، فلما رأته أنثى لا تصلح لهذه الخدمة اعتذرت إلى ربها من وجودها لها على
خلاف ما قصدته فيها.