الحال، وعضّوا الاَنامل على ما افتعلوا عليه من النسب وندموا
على ما فعلوا، فصاروا يميلون إلى الاِسلام زرافات ووحداناً.
فهذا الفتح العظيم وقبله وقعة الحديبية أثبتا بوضوح أن النبي
الاَعظم a أكرم
وأجل وأعظم من أن يكون كاهناً أو ساحراً، إذ الكاهن والساحر أقصر من أن يقوم بهذه
الاَُمور الجليلة، كما أنّ لطفه العميم وخلقه العظيم آية واضحة على أنّه رجل مثالي
صدوق، لا يفتري ولا يكذب، وإنّ ما جرى بينه وبين قومه من الحروب الدامية، كانت
نتيجة شقاقهم وجدالهم وموَامراتهم عليه.
وبذلك، فإن الذنوب التي كانت تدّعيها قريش على النبي a بعد وقعة الحديبية، أو فتح مكة،
أُسطورة خيالية قضت عليها سيرته في كل من الواقعتين من غير فرق بين ما ألصقوا به
قبل الهجرة أو بعدها، وعند ذلك يتضح مفاد الآيات كما يتضح ارتباط الجملتين:
الجزائية والشرطية، ولولا هذا الفتح كان النبي محبوساً في قفص الاتهام، وقد كسرته
هذه الواقعة، وعرّفته نزيهاً عن كل هذه التهم.
وعلى ذلك فالمقصود من الذنب ما كانت قريش تصفه به، كما أنّ
المراد من المغفرة إذهاب آثار تلك النسب في المجتمع.
قال الرجل: هذا توجيه طيب.. ولكني أريد غيره.. فهل هناك غيره؟
قال الحكيم: أجل.. وهو ما سنعرفه في العلة الثانية من العلل
التي يفسر بها هذا النوع من الخطاب.. وهي القدوة.
قال الرجل: فاشرح لنا ما يرتبط بهذا الآن.
قال الحكيم: القرآن الكريم ـ عند العارفين بالله الفاهمين عنه ـ
هو خطاب الله للبشر جمعيا.. ولم يكن محمد a إلا واسطة لذلك الخطاب..
لهذا.. فكل عارف بالله يسمع القرآن من الله.. ويفهم أنه المخاطب
بكل حرف من