في مساء اليوم الثاني.. وفي دار الندوة الجديدة.. دخل (نيكولاس
إيلمنسكي)[1].. الرجل الذي تقلب في السياسة،
وقلبته السياسة.. بوجه متغير حاول بابتسامته الدبلوماسية العريضة أن يخفي تغيره،
لكنه لم يطق.
ابتدرته الجماعة قائلة: ما الذي فعلت!؟.. ما نسبة نجاحك!؟.. هل
هناك نتائج إيجابية!؟
نظر إليهم بابتسامته العريضة، وقال: طبعا.. هناك نتائج
إيجابية.. ولا يمكن إلا أن تكون هناك نتائج إيجابية.. لقد فزت في جميع جولاتي
الدبلوماسية، فكيف لا أفوز في هذه.
أطرق قليلا، ثم قال: نعم.. لقد كانت الحرب مستميتة بيني وبين من
يدعونه حكيما.. لقد كان مجادلا بارعا، ومحاميا قويا.. ولكن الحق كان معي.. وسيظل
معي.. ولا ينبغي أن يكون إلا معي.
ابتدر أخي ليأخذ القرص، ليضعه في القارئ، فقال نيكولاس: أرى أن
تتركوا الفرصة لأحدثكم أنا بدل رؤية القرص.. فليس هناك رواية أحسن من رواية
الشفاه..
ثم ابتسم لهم، وقال: نعم هذا أسلوب قديم.. ولكني أرى أنه
الأفضل.
قال رجل من الجماعة: أرى أن السياسة قد أثرت فيك يا نيكولاس..
فدعنا نسير بالطريقة التي اجتمعنا لنسير عليها.
[1] أشير به إلى (نيكولاس
إيلمنسكي)( ق 20 م )، وهو مبشر روسي، رسم سياسة تنصيرية للتتار بجذبهم إلى
المسيحية عن طريق الدمج الديني والثقافي، فكان يهدف إلى (تنشئة نخبة مثقفة من
المواطنين يعتنقون المذهب الأرثوذوكسي لكن ثقافتهم تترية ويستخدمون اللغة التترية
القازانية المكتوبة بالأحرف الروسية)، وقد ارتد عن الإسلام بفعل هذه السياسة في
عهد ألسكندر الثاني قرابة مائة ألف (000. 100 ) مسلم والتحقوا بطائفة كرياشن
(ألكسندر بينيغسن وشانتال لوميرييه كيلكجاي: المسلمون المنسيون في الاتحاد
السوفييتي - ص 27، ونجيب العقيقي: المستشرقون: ص 26 )