قال نيكولاس: ربما يكون ما ذكرته صحيحا.. ونحن لا نتحدث عنه
هنا.. نحن نبحث في حياة محمد.. وحياة محمد عنوان للاستبداد بجميع أشكاله.. وإلا
لما تسنى له أن يقيم أي دولة، أو ينشئ أي مجتمع.
قال الحكيم: لست أدري هل أنت صاحب شبهة تبحث عن التحقيق.. أم
أنك صاحب هوى تبحث عن الجدل؟
قال رجل من الجمع: لا.. لا نظنه إلا صاحب شبهة، فإن كان لديك ما
يرفعها عنه، فاذكره له.. ونحن هنا لنرى أنصع الحجج.. حجتك أو حجته.. لنتبعها.
قال الحكيم: يسرني ذلك.. ولست أدري هل يرضى صاحبنا بذلك أم لا؟
لم يجد نيكولاس إلا أن يجيب بالإيجاب..
حينذاك قال الحكيم: أليس المستبد هو الذي يحتقر الرعية، ويتكبر
عليها، ويستولي على جميع أمورها، بحيث يفرض رأيه على كل أحد، ولا يسمع لأي أحد؟
قالوا: بلى.. هذا هو المستبد.. وكل مظاهر الاستبداد تنطلق من
هذا.
قال الحكيم: فإذا أثبت لكم أن محمدا a كان يحترم كل من يحيط به، بل كل من
ولي أمره من المسلمين، وأنه فوق ذلك كان يستشيرهم في الصغير والكبير، والحقير
والجليل.. هل أكون بذلك قد دفعت شبهته؟
قال الجمع: لا نرى الصواب إلا فيما ذكرت.
التفت الحكيم إلى نيكولاس، وقال: هل تقر بهذا الأصل أم أنك
تخالف فيه؟
قال نيكولاس: ليس الشأن في التعرف على الأصول إنما الشأن في
إثباتها.