استجمع الحكيم أنفاسه، ثم قال: لو تأملتم حياة جميع الزعماء
والقادة والمصلحين وعلاقتهم بمن يحيط بهم لن تجدوا رجلا في سماحة محمد a ولا تواضعه ولا احترامه.
ضحك نيكولاس، وقال: وأستطيع أن أقول في المقابل: لو تأملتم جميع
حياة المستبدين والمتكبرين والظالمين، فلن تجدوا رجلا مثل محمد.
قال الحكيم: ما دام كل منا له دعواه.. فليقدم كل واحد منا ما
عنده من إثباتات.
قال نيكولاس: حسبي من الإثباتات أنه كان يفرض عليهم أي حكم، فلا
يجدون مناصا من تنفيذه.
قال الحكيم: وكل الحكام يفعلون ذلك.. أم ترى أنه يستسلم
لأهوائهم لتضع في الدين ما تشاء؟
سكت نيكولاس، فقال الحكيم: أما أنا.. فسأذكر لكم أربعة أدلة
تعرفون من خلالها أن محمدا a كان يحترم من ولي عليهم أعظم احترام، ولا يمكن لمن يكون له كل
ذلك الاحترام أن تكون فيه ذرة من استبداد.
المخالطة:
قال رجل من الجمع: فما الدليل الأول؟
قال الحكيم: الدليل الأول هو مخالطة النبي a لأصحابه ورعيته وعدم احتجابه عنهم
بأي نوع من أنواع الحجاب.. بل إنه كان يعتبر الحجاب نوعا من الاستبداد، لقد قال a يحذر من الاحتجاب عن الرعية:(من
ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله
دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة)[1]