قال الحكيم: لم يكن رسول الله a يكتفي بمخالطة الناس مجرد مخالطة
ليقتنص ودهم كما يفعل بعض الزعماء والقادة.. وإنما كان يشاركهم في حياتهم
وأعمالهم.. بل كان a
لرحمته لهم يستأثر بأشقها.
فمن مشاركته لمن كان معه a مشاركتهم في الأعمال التي يقومون
بها:
ومما روي في ذلك مشاركته a لهم في بناء المسجد بعد هجرته إلى
المدينة المنورة بالرغم من العناء الكبير الذي لاقاه في هجرته، عن الحسن قال: لما
قدم النبي a
المدينة قال: ابنوا لنا مسجدا، قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: عرش كعرش موسى،
ابنوا لنا بلبن، فجعلوا يبنون ورسول الله a يعاطيهم اللبن على ما دونه ثوب، وهو
يقول:
اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر
للانصار والمهاجرة
فمر عمار بن ياسر فجعل النبي a ينفض التراب عن رأسه، ويقول: ويحك
يا ابن سمية! تقتلك الفئة الباغية[1].
وعن يعقوب بن يزيد قال: كان رسول الله a يتبع غبار المسجد بجريدة[2].
وفي غزوة الخندق.. بعد أن أحاطت الأحزاب بالمدينة المنورة.. وفي
ذلك الموقف الشديد الذي تزلزلت له القلوب.. والذي يكتفي فيه القادة بالجلوس في
غرفهم المكيفة للتخطيط وإلقاء الأوامر.. كان النبي a مع أصحابهم يشاركهم في كل صغيرة
وكبيرة..
قالت أم سلمة: ما نسيت يوم الخندق، وهو يعاطيهم اللبن، وقد اغبر
شعره، تعني النبي a [3].
وعن البراء قال: لقد رأيت رسول الله a يحمل التراب على ظهره، حتى حال
التراب