وبمثل ذلك قال a يقرر تلك القواعد:((إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا
غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة)[1]
فهذا الحديث يقرر قواعد كثيرة توهمت أنت
أنها من صنع الفقهاء، فهو يقرر التيسير (إن الدين يسر).. ويقرر منع التشدد
والمبالغة من غير موجب:(ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).. ويقرر ملازمة السداد
والوسطية، أي الصواب من غير إفراط ولا تفريط: (فسددوا).. ويحث على بلوغ الكمال: (وقاربوا)،
أي اعملوا بما يقرب من الأكمل.. ويحث على دوام العمل وزيادته: (واستعينوا بالغدوة
والروحة وشيء من الدلجة)
وقد كان a ـ الذي تصفه
بالاستبداد لا يختار من الأمور إلا أيسرها ـ قالت عائشة: (ما ضرب رسول الله a بيده خادما
قط ولا امرأة ولا شيئا إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا انتقم لنفسه من شئ يؤتى به
إليه حتى تنتهك محارم الله فيكون هو ينتقم لله عزوجل، ولا خير بين أمرين إلا اختار
أيسرهما حتى يكون إثما فإذا كان إثما كان أبعد الناس من الاثم)[2]، فهذا
الحديث ينص على أن المختار في الشريعة هو التيسير والرفق والتخفيف في الأمور كلها ما لم يكن إثما.
سكت الحكيم قليلا، ثم قال: ومع ذلك كله، فإن الدين الذي أمر به
محمد a لم
يأمر به كما أمر به لينين..
هنا لاحظت وجه نيكولاس، وقد تغير تغيرا شديدا، وكأنه كان يقصده.
قال الحكيم ذلك، ثم التفت إلى نيكولاس، وقال: لعلك تعرفه.. لا
أظن إلا أنك تعرفه..