الحرب، فقال:(سيروا على بركة الله، وأبشروا، فإن الله تعالى
وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم)[1]
انتفض نيكولاس قائلا: ولكن.. ألم تسمع بأن هناك مخالفين رغبوا
في العير، ولم يرغبوا في النفير؟
قال الحكيم: صدقت.. لقد ذكرهم أبو أيوب، فقال: لما سرنا يوما أو
يومين قال لنا رسول الله a:(ما ترون في القوم فإنهم قد أخبروا بمخرجكم؟)، فقلنا: والله ما
لنا طاقة بقتال القوم، ولكن أردنا العير، ثم قال: ما ترون في قتال القوم؟ فقلنا
مثل ذلك، وذكر الحديث فأنزل الله تعالى:﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ
بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾ (لأنفال:5)[2]
قال نيكولاس: فكيف سار محمد إذن وخالف ما ذهب إليه هؤلاء؟
قال الحكيم: إن رسول الله a لم يفرض على أي أحد من الناس
الخروج.. حتى هؤلاء الذين لم يعجبهم ذلك، لم يقهرهم رسول الله a عليه.. ولم يقل لهم بعد أن وافقت
الأغلبية العظمى على الخروج: اخرجوا معي.. بل ترك لهم حرية الاختيار.. ولم يفعل
ذلك في ذلك الوضع الصعب غير محمد a.
قال رجل من الجمع: عرفنا استشارته للخروج للمعركة، فكيف
استشارهم في خطتها؟
قال الحكيم: عندما ارتحل رسول الله a وحل بمكان ظن أنه المكان المناسب،
جاءه رجل من عامة المسلمين، هو الحباب بن المنذر، وقال بأدب: يا رسول الله.. أرأيت
هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي
والحرب والمكيدة؟ فقال a: (بل هو الرأي والحرب والمكيدة)، فقال: يا رسول الله، فإن هذا
ليس بمنزل، فانهض