رسول الله a:(صدقت)[1]

وحث مالك بن سنان الخدري وإياس بن عتيك وجماعة على الخروج للقتال.

فلما رأى a رغبتهم في القتال خارج المدينة، صلى a الجمعة بالناس ـ وكان ذلك اليوم يوم جمعة ـ ثم وعظهم، وأمرهم بالجد والاجتهاد، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا، ففرح الناس بالشخوص إلى عدوهم، وكره ذلك المخرج بشر كثير.

ثم صلى رسول الله a العصر بالناس وقد حشدوا، وحضر أهل العوالي، ورفعوا النساء في الآطام.

ودخل رسول الله a بيته، وقد صف الناس له بين حجرته إلى منبره، ينتظرون خروجه، فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، فقالا للناس: استكرهتم رسول الله a، وقلتم له ما قلتم، والوحي ينزل عليه من السماء، فردوا الأمر إليه، فما أمركم به فافعلوه، وما رأيتم له فيه هوى ورأيا فأطيعوه.

فبينما هم على ذلك إذ خرج رسول الله a وقد لبس الدرع فأظهرها، وحزم وسطه بمنطقة من حمائل سيف من أدم، واعتم، وتقلد السيف.

وندم الناس على إكراهه، فقالوا: يا رسول الله استكرهنا، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله a:(قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم، ولا ينبغي لنبي إذ لبس لامته أن يضعها، حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه.. انظروا ما أمركم به فاتبعوه، امضوا على اسم الله تعالى، فلكم النصر ما صبرتم)[2]

التفت الحكيم إلى نيكولاس، وقال: ها أنت ترى رسول الله a كيف يتنازل في هذا الأمر الخطير إلى رأي أصحابه مع يقينه بما لرأيه من مصداقية.

[1] وقد استشهد يومئذ

[2] رواه ابن عتبة وابن إسحاق وابن سعد وغيرهم.