وقد ظل هذا الخيار مفتوحا أمام رسول الله a طول حياته، فقد حدث أبو سعيد عن
الأيام الأخيرة لرسول الله a، فذكر أنه a جلس على المنبر فقال: (إن عبدا خيره الله تعالى أن يؤتيه من
زهرة الدنيا وما عنده، فاختار ما عنده)[2]
بل إن النبي a كان يسأل الله أن يختار له هذا النوع من الحياة البسيطة التي
تجعله أقرب الناس إلى الناس، فقد كان يدعو، ويقول:(اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا)[3]
وكان يسأل الله حياة المسكنة التي هي أقرب أنواع الحياة
للعبودية، كان أبو سعيد يقول: أحبوا المساكين، فإني سمعت رسول الله a يقول: (اللهم أحيني مسكينا، وأمتني
مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين)[4]
وعنه قال:(يا أيها الناس، لا يحملنكم العسر على طلب الرزق من
غير حله، فإني سمعت رسول الله a يقول: (اللهم توفني فقيرا، ولا توفني غنيا، واحشرني في زمرة
المساكين، فإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا، وعذاب الآخرة)[5]
ولم يكن رسول الله a يكتفي بالدعاء.. بل كان في حياته a يتهرب من كل ما يمكن أن يملأ حياته
بذخا وترفا.. بل من كل ما يملؤها هدوءا ودعة.
لقد حدثت عائشة قالت: دخلت علي امرأة من الأنصار فرأت على فراش
رسول الله a عباءة
خشنة، فانطلقت، فبعثت إلي بفراش حشوه الصوف، فدخل رسول الله a فقال: (ما هذا يا عائشة؟) فقلت: يا
رسول الله فلانة الأنصارية دخلت، فرأت فراشك، فذهبت، فبعثت