إلي بهذا الفراش، فقال: (رديه)، قالت: فلم أرده، وقد أعجبني أن
يكون في بيتي، حتى قال ذلك مرات، فقال: (رديه يا عائشة، فوالله لو شئت لأجرى الله
معي الجبال ذهبا وفضة)[1]
وعن إسماعيل بن أمية قال: صنعت عائشة لرسول الله a فراشين، فأبى أن يضطجع على واحد[2].
وقد روي أن رجلا أنى رسول الله a بهدية، فنظر، فلم يجد شيئا يجعلها
فيه، فقال: (ضعه في الحضيض، فإنما هو عبد يأكل كما يأكل العبد، ويشرب كما يشرب
العبد، لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقي الكافر منها ماء)[3]
وعن عائشة، قالت: اتخذت لرسول الله a فراشين حشوهما ليف وإذخر، فقال:
(يا عائشة ما لي وللدنيا، إنما أنا والدنيا بمنزلة رجل نزل تحت شجرة في ظلها، حتى
إذا فاء الفئ ارتحل، فلم يرجع إليها أبدا)[4]
التفت الحكيم إلى جيري، وقال: هل يمكن لمستغل توفر له من الفرص
ما توفر لمحمد a أن
يذوق طعم الجوع؟
سكت جيري، فقال بعض القوم: لعل صاحبنا لا يعرف معنى الجوع،
فاشرحه له.
قال الحكيم: الجوع جوعان.. هناك جوع يمكن تسميته جوع المترفين،
وهو جوع يرجع سببه إلى أن المترف لم يجد من الطعام الذي يشتهي ما يملأ بطنه..
فلذلك لا يرتبط هذا النوع من الجوع بعدم وجود الطعام، وإنما يرتبط بعدم وجود
الطعام المشتهى.
وهناك جوع سببه عدم وجود الطعام مطلقا.. لا المشتهى، ولا غير
المشتهى.. وهذا هو
[1] رواه الحسن بن عرفة في
جزئه المشهور، وابن عساكر.