أستحي أن أقدمها، قال: (هلميها فكسرها في ماء)، فجاءته بملح،
فقال: (ما من أدم؟) فقالت: ما عندي يا رسول الله إلا شئ من خل، فقال: (هلميه)،
فلما جاءت صبه على طعامه، وأكل، ثم حمد الله تعالى، ثم قال: (نعم الأدم الخل يا أم
هانئ لا يفتقر بيت فيه خل) [1]
وعن أم سعد قالت: دخل رسول الله a على عائشة وأنا عندها، فقال: هل من
غداء؟ قالت: عندنا خبز وتمر وخل، فقال رسول الله a:(نعم الإدام الخل.. اللهم بارك في
الخل، فإنه كان إدام الأنبياء قبلي، ولم يفتقر بيت فيه خل) [2]
وعن أسماء بنت عميس، وكانت صاحبة عائشة التي خبأتها فأدخلتها
على رسول الله a في
نسوة، فما وجدنا عنده إلا قوتا، إلا قدحا من لبن، فتناول فشرب منه، ثم ناوله عائشة
فاستحيت منه، فقلت: لا تردي يد رسول الله a، فأخذته فشربته، ثم قال: (ناولي
صواحبك)، فقلن: لا نشتهيه، فقال: (لا تجمعن كذبا وجوعا)، فقلت: إن قالت إحدانا لشئ
تشتهيه لا أشتهي، أيعد ذلك كذبا؟ فقال: (إن الكذب يكتب كذبا، حتى الكذيبة تكتب
كذيبة) [3]
ولكنه a في المقابل كان أحرص الناس على طيبة الطعام التي يعرفها
الصالحون، والتي أمر الله تعالى بها أنبياءه في قوله:﴿ يَا أَيُّهَا
الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا
تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ (المؤمنون:51)
وهي طيبة لا تعتمد الذوق ولا النكهة ولا تفنن الطباخين، وإنما
تعتمد على كون الطعام حلالا لم يختلط بعرق المستضعفين، ولا دماء المحرومين.
ولهذا كان a يخشى من طعام الصدقة، ولا يأكله مع عظم حاجته إليه، عن أنس
قال: