وعن أبي ذر قال: كنت أمشي مع رسول الله a في صرة المدينة فاستقبلنا أحدا،
فقال: يا أبا ذر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا،
تمضي على ثلاثة، وعندي منه دينار، إلا شيئا أرصده لدين، إلا أن أقول في عباد الله
هكذا، وهكذا) [1]
وعن ابن عمر قال: خرجت مع رسول الله a حتى دخل بعض حيطان الأنصار، فجعل
يلتقط من التمر، ويأكل، فقال لي: (يا ابن عمر ما لك لا تأكل؟) قلت يا رسول الله لا
أشتهيه، قال: (لكني أشتهيه، وهذه صبح رابعة لم أذق طعاما، ولم أجده، ولو شئت لدعوت
ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يحبون رزق
سنتهم ويضعفون؟ قال: فوالله ما برحنا، ولا زمنا حتى نزلت:﴿ وَكَأَيِّنْ
مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (العنكبوت:60)، فقال رسول الله a:(لم يأمرني بكنز الدنيا، ولا اتباع
الشهوات، فمن كنز دنياه يريد بها حياة باقية، فإن الحياة بيد الله، ألا وإني لا
أكنز دينارا، ولا درهما، ولا أخبئ رزقا لغد) [2]
التفت إلى جيري، وقال: أليس كل المستغلين الذين تنفتح لهم
الدنيا لا يقنعون بما هم فيه، بل يضمون إلى غناهم غنى أولادهم، وغنى كل من يتقرب
منهم.
قال رجل من الجماعة: ذلك صحيح.. ولا نحسب ذلك إلا طبعا في
البشر، فلا ينفك أحد منهم منه.
قال الحكيم: إلا محمد a، أو من رباه محمد a.. فإنه يستحيل عليه أن يطعم ولده
ثمرة استغلال.. اسمعوا لما روته الأخبار الصحاح:
عن فاطمة أن رسول الله a أتاها يوما فقال:(أين أبنائي؟)
يعني: حسنا وحسينا، قالت: أصبحنا وليس في بيتنا شئ يذوقه ذائق، فقال علي: اذهب
بهما، فإني أتخوف أن يتليا عليك،