وعن هارون بن أبان قال: قدم للنبي a سبعون ألف درهم، وهو أكثر مال أتي
به قط، فوضع على حصير من المسجد، ثم قام بنفسه، فما رد سائلا، حتى فرغ منه
[1].
وعن أنس قال: أتي رسول الله a بمال من البحرين، فقال: انظروا
يعني صبوه في المسجد، وكان أكثر مال أتى به a، فخرج رسول الله a من المسجد، ولم يلتفت إليه، فلما
قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطى إلى أن جاء العباس، فقال: يا
رسول الله أعطني، فإني فاديت نفسي، وفاديت عقيلا، فقال: (خذ) فحثا في ثوبه، ثم ذهب
يقله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله مر بعضهم يرفعه إلي قال: (لا)، قال: فارفعه
أنت، قال: (لا أستطيع)، ثم نثر منه، ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله:
مر بعضهم يرفعه علي، قال: (لا)، قال: فارفعه أنت)، قال: (لا) ثم نثر منه فاحتمله،
فألقاه على كاهله، فانطلق فما زال رسول الله a يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجبا
منه، فما قام رسول الله a، وثم منها درهم [2].
وكان البعض يستغل هذه الخصلة العظيمة في رسول الله a، فيروح يسأل من غير حاجة، وكان
النبي a يجيبهم
بما أعطاه الله مع علمه بذلك منهم:
عن أبي سعيد قال: دخل رجلان على رسول الله a يسألانه عن ثمن بعير فأعانهما
بدينارين، فخرجا من عنده، فلقيا عمر، فأثنيا خيرا، وقالا معروفا، وشكرا ما صنع
رسول الله a بهما،
فدخل عمر على النبي a
فأخبره بما قالا، فقال رسول الله a: (لكن فلانا أعطيته ما بين العشرة والمائة فلم يقل ذلك، إن
أحدهم يسألني، فينطلق بمسألته يتأبطها، وما هي إلا نار)، فقال عمر: يا رسول الله،
فلم تعطهم ما هو نار؟ فقال: (يأبون إلا أن يسألوني ويأبي الله لي