قال: فعد له نحوا من المد، فجاء به، حتى نثره بين يدي رسول
الله a، فقبض
رسول الله a منه
قبضة، ثم قال: اذهبوا بهذا إلى فلانة، واذهبوا بهذا إلى فلانة، فقال الرجل: يا
رسول الله أراك تأخذ منه، ولا ينقص، فقال رسول الله a: (ألست تقرأ هذه الآية؟) قال:
فقلت: أية آية يا رسول الله؟ قال: قول الله تعالى:﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ
مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ (سـبأ:39)،
قال: أشهد أنما هو من الله تعالى [1].
وكان a يكافئ كل من يقدم له أي شيء، ولو كان بسيطا، بل حتى لو كان
كلمة طيبة:
عن الربيع بن عفراء قال: أتيت رسول الله a بقناع من رطب، وجرو زغب، فأعطاني
مل ء كفي حليا، أو ذهبا [2].
عن أم سنبلة قالت: أتيت رسول الله a بهدية، فأبى أزواجه أن يقبلنها،
فأمرهن رسول الله a،
فأخذنها، ثم أقطعها واديا [3].
وروي أنه في يوم حنين جاءت امرأة، فأنشدت شعرا تذكره أيام رضاعه
في هوازن، فرد عليهم ما أخذ، وأعطاهم عطاء كثيرا، حتى قوم ما أعطاهم فكان خمسمائة
ألف، قال ابن دحية: وهذا نهاية الجود الذي لم يسمع بمثله في الجود
[4].
وعن جابر أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فمر النبي a فضربه، ودعا له، فسار سيرا لم يسر
مثله، ثم قال: (بعنيه بوقية)، قلت: لا، ثم قال: (بعنيه بوقية)، فبعته واستثنيت
حملانه إلى أهلي، فلما قدمنا المدينة أتيته بالجمل، ونقد لي ثمنه، ثم انصرفت،
فأرسل إلي فقال: (ما كنت لآخذ جملك، هو لك) [5]