كان لقراءة الحكيم تأثيرها الكبير في نفوس المستمعين، بحيث
كادوا ينحازون انحيازا كليا إليه، فخشي فرانكلين إن تصرف أي تصرف لا يقبله العقل
أن يظهر بمظهر المنهزم، فقال: فاعتبرني موسى.. وتعال ألق بحبالك، لألقي بعصاي.
قال الحكيم: لا يمكن أن يعتبر أحدنا نفسه موسى.. فموسى هو
النتيجة التي نصل إليها.. وموسى هو الحقيقة التي تقضي على الباطل..
قال فرانكلين: فلنعتبر أنفسنا جميعا سحرة ومخادعين.. ولنلق ما
عندنا من حبال وعصي لنعرف من منا موسى، ومن منا غيره؟
قال الحكيم: أما كون ما كنت تقرؤه سحرا وخداعا، فلا أظنك
تخالفني فيه.. أم أنك تخالفني فيه؟
قال فرانكلين: ماذا تقصد؟
قال الحكيم: لا شك أنك تعرف كاتب تلك الآيات التي كنت تقرؤها إن
كان يصح أن تسمى آيات.
قال فرانكلين: أجل.. وبيني وبينه علاقة وثيقة.
قال الحكيم: فهل ادعى هذا الرجل النبوة، أم أنه لا يزال تابعا
للمسيح، ولما يأمر به رجال السلطة الكنسية؟
قال فرانكلين: بل هو لا يزال مخلصا للمسيحية.. ولرجال الدين
المعصومين فيها.
قال الحكيم: فما قرأته إذن من اعتباره صفيا مرسلا إليه كذب
وخداع؟
سكت فرانكلين، فقال الحكيم: هل يزعم صاحبك هذا أن ما يقرؤه على
الناس كلام الله موحى به إليه كما أوحيت الأسفار المقدسة للنبيين؟
قال فرانكلين: هو لا يزعم ذلك، وهو أكثر تواضعا من أن يزعم ذلك.