ذلك في معرض تسليته لنبيه a فقال:﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ
لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ
الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33)﴾ (الأنعام)
لقد كان أعداؤهم يودون أن يكونوا نبيهم أحد كبرائهم كما قال
تعالى:﴿ وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ
الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ (الزخرف:31)
وكانوا يودون من نبيهم أن ينصب عرشه بينهم، ثم يدعو كل واحد
منهم ليحقق له مطالبه وشهواته كما قال تعالى:﴿ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ
لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ
جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا
(91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ
بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ
أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ
عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا
رَسُولًا (93)﴾ (الإسراء)
لكنه لما رفض نبيهم أن ينصاع لمطالب نفوسهم بارزوه المحاربة مع
علمهم بصدقه.
قال فرانكلين: فلم لم يلب طلباتهم، ليقيم عليهم الحجة؟
قال الحكيم: ألا تعلم أن وظيفة النبي تختلف عن وظيفة الكاهن
المتنبئ الساحر.. النبي هاد وطبيب، ولا يمكن للطبيب أن يستسلم لطلبات مريضه، وإلا
أضر به استسلامه له؟
قال فرانكلين: لقد ذكرت لي أن قومه شهدوا له بالصدق مع إعراضهم
عنه في نفس الوقت.. فكيف عرفت ذلك؟
قال الحكيم: لقد وردت الأسانيد الكثيرة المتواترة تخبر بذلك،
وسأذكر لك بعضها لتعلم مدى صدق ما ذكره القرآن الكريم من ذلك.
لقد روي في سبب نزول قوله تعالى:﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ
لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ
الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ (الأنعام:33) أن أبا جهل لقي النبي a فقال: