قال: إنهم إن لم يسحبوها بنور الحقائق.. فسيقفون يوم القيامة في تلك
المحكمة التي لا تسمع إلا الحقائق.. ليقال لهم: إن الله الذي بعث محمدا.. أيده بكل
تلك المعجزات.. ونصره كل ذلك النصر.. وأنطق كل الحقائق لتدل عليه.. هو الذي أباح
له.. بل هو الذي أمره أن يتزوج بأولئك النسوة.. وأن يغزو تلك الغزوات.. فهل ستراهم
يخاصمون الله؟
قلت: لا يمكنهم ذلك فالله:﴿ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ (الانبياء:23)
قال: ومع ذلك.. فإن الله ـ بعدله ـ لو سألوه لأجابهم.. ولقال لهم:
ألا ترون حكامكم يسلمون قصورا خاصة.. وتتاح لهم حصانة خاصة.. وتعطى لهم من
الصلاحيات ما لا يعطى لغيرهم.. ثم ترون كل ذلك طبيبعيا لا شبهة فيه؟
قلت: لا شك أنهم يجيبون بالإيجاب.. فكل حكام العالم.. وكل ملوكه..
لهم ما وصفت.. بل لهم من الدنيا ما لم تر عين، أو تسمع أذن، أو يخطر على قلب بشر.
قال: فلم يحجرون على رسول الله a أن يزوجه الله من يشاء ومتى يشاء؟
سكت، فقال: إن العقول هي التي تحاسب.. ولذلك ستواجه بأنواع
الحجج.
قلت: أترى المنطق الذي نعيش به في الدنيا هو نفسه الذي يحكم أحكام
الآخرة؟
قال: أجل.. فالله هو الذي وضع برامج العقول.. وهي برامج لا تتخلف،
فلا تبديل لكلمات الله.
قلت: فأنت ترى أن يخاطب هؤلاء بالعقل..!؟
قال: بالعقل المؤيد بالنقل.. لتقام عليهم الحجة.. ثم هم بعد ذلك وما
يشاءون.. إن شاءوا أن يحكموا عقولهم.. وإن شاءوا حكموا الشياطين التي تملي على
عقولهم كيف تفكر.
***
ما وصل الغريب من حديثه إلى هذا الموضع حتى شعرت براحة تملأ
أقطار نفسي.. ولكن سرعان ما شعرت بالألم يعتريني من جديد.. فقد كنت أبحث عن فك
رموز الشبهات..