إن هذه الآيات التي تأمر بقيام الليل من أول ما نزل من القرآن
الكريم، وقد ظل a
طول حياته يمارس ما أمر به فيها من أوامر إلى أن توفاه الله تعالى.
وقد روي في الحديث عن سعد بن هشام قال: قلت لعائشة: أنبئيني عن
قيام رسول الله a
قالت: ألست تقرأ هذه السورة ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾ قلت:
بلى قالت: فإن الله قد افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول الله a وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم،
وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهراً[1]، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه
السورة[2]، فصار قيام الليل تطوعاً من بعد
فريضة[3].
وفي حديث آخر: نزل القرآن:﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ
(1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)﴾ (المزمل) حتى كان الرجل يربط
الحبل ويتعلق، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر، فرأى الله ما يبتغون من
[1]وقد روي ما هو أكثر من
ذلك، فقد روى عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: لما
نزلت:﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا
(2)﴾ (المزمل) مكث النبي a على هذه الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمره الله، وكانت
طائفة من أصحابه يقومون معه، فأنزل الله بعد عشر سنين :﴿ نَّ رَبَّكَ
يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ ﴾ فخفف الله
عنهم بعد عشر سنين..