قال فرانكلين: أجل.. ولكن قومي تغلبوا على حرها بما أبدعوا من
مكيفات؟
قال الحكيم: لقد كان محمد a ـ كما تعلم ـ يعيش في صحراء شديدة
الحر.. ولم يكن له مكيفات.. وكان في ذلك الجو الشديد حريصا على الصوم حرصا لا يقل
عن حرصه على الصلاة، بل كان a فوق ذلك لا يسارع إلى الإفطار إذا حل وقته كما يسارع الناس، بل
كان يواصل.. أي يصل في صومه ليله بنهاره..
فعن أنس عن النبي a قال:(لا تواصلوا)، قالوا: إنك تواصل، قال:(لست كأحد منكم، إني
أطعم وأسقى، أو إني أبيت أطعم وأسقى)
وفي رواية: أن رسول الله a قال: لا تواصلوا. قالوا: إنك
تواصل. قال: إنكم لستم في ذلك مثلي، إني أظل، أو قال: أبيت، أطعم وأسقى[1].
وفي حديث آخر عن أنس أن رسول الله a واصل في آخر الشهر، فواصل ناس من
الناس، فبلغ ذلك رسول الله a، فقال: لو مد لنا الشهر، لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم،
إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني[2].
التفت الحكيم إلى فرانكلين، وقال: هل يمكن لرجل أن يجمع كل هذا
الجهد والنشاط الذي لا نظير له، بل لا يطيقه غيره، ثم يكون فوق ذلك محتالا.
الشاهد الثالث:
قال رجل من الجمع: فحدثنا عن الشاهد الثالث.
قال الحكيم: هو ما نص عليه قوله تعالى:﴿ وَلا تَمُدَّنَ
عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ (طـه:131)
هنا انتفض فرانكلين، وكأنه وجد فريسة يريد الانقضاض عليها،
وقال: كيف تقول هذا..