ومحمد كان يتزوج من النساء ما يشاء.. بل أبيح له أن يتزوج أكثر
مما يتزوج سائر المسلمين[1].
قال الحكيم: أجبني وكن صادقا في جوابك.. وأرجو أن لا تعتصم
بالصمت.
قال فرانكلين: سأجيبك فاسأل ما بدا لك.
قال الحكيم: أرأيت لو أن الله رزقك امرأة شابة جميلة يمتلئ قلبك
محبة لها، وتمتلئ هي محبة لك.. ثم تكلف بعد ذلك بأن تتزوج معها امرأة عجوزا مسنة،
ثم تقسم لكليهما بعدل لا نظير له.. أتطيق ذلك؟
قال فرانكلين: من الصعب على المرء أن يفعل ذلك.
قال الحكيم: فقد كلف محمد a بأن يفعل ذلك.. وكلف معها أن يعيش
حياة بسيطة لا تختلف عن حياة أبسط الفقراء.. وكلف فوق ذلك أن يعيش مع البسطاء من
الناس، وأن يصبر معهم، كما قال تعالى:﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ
عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ
أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ (الكهف:28)، وقال تعالى:﴿ وَلا
تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ
وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ
عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (الأنعام:52)
وقد قام رسول الله a بما اقتضته هذه الأوامر من واجبات خير قيام، فكان ينهض لكل
مسكين، ويقوم لكل محتاج.. وأنت تعلم كثرة المساكين، وكثرة الحاجات.
وقد قال العباس لرسول الله a بعد أن رأى الجهد الذي يصيبه جراء
ذلك: يا رسول الله إني أراهم قد آذوك، وآذاك غبارهم، فلو اتخذت عريشا تكلمهم فيه،
فقال رسول الله a:(لا
أزال بين أظهرهم يطئون عقبى وينازعوني ثوبي، ويؤذيني غبارهم، حتى يكون الله هو
[1] سنرد على الشبهة
المرتبطة بالزواج في فصل (زوجات) من هذه الرسالة.