التفت الحكيم إلى فرانكلين، وقال: هل يمكن لمحتال مخادع كسول أن
يفعل هذا؟
قال فرانكلين: هناك من يفعله.
قال الحكيم: هناك من يفعله أياما أو أشهرا أو أسابيع.. ولكن ليس
هناك زعيم في الدنيا يستطيع أن يصبر على البقاء طول عمره يعيش المسكنة، ويعيش مع
المساكين في الوقت الذي يستطيع فيه أن يتنعم بأرفه عيش، وأمتع حياة.
الشاهد الرابع:
قال رجل من الجمع: فحدثنا عن الشاهد الرابع.
قال الحكيم: هو ما نص عليه قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ
فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾
(المائدة:67)
قال فرانكلين: فما في هذا الشاهد إن الآية تأمر محمد بالبلاغ..
وهي تعتبر تقصيره فيه تقصير في أمر الله؟
قال الحكيم: إن هذه الآية تحمل أخطر الأوامر الإلهية وأكثرها
ثقلا[2].. فالبلاغ والدعوة بين قوموا ألفوا
ما هم فيه من حياة شيء لا يطيقه إلى الكبار من الناس..
قال فرانكلين: فهل أدى محمد هذا الواجب كما أمر به؟
قال الحكيم: لو اجتمعت البشرية جميعا على أن تقوم بما قام به a، فإنها لا تطيق.. لقد
[2] وقد ورد في سبب نزول
الآية الكريمة أنه لما انصرف رسول الله a من حجة الوداع نزل أرضا يقال له: ضوجان، فنزلت الآية، فلما نزلت عصمته
من الناس نادى: الصلاة جامعة فاجتمع الناس إليه، و قال: من أولى منكم بأنفسكم: فضجوا
بأجمعهم فقالوا: الله و رسوله فأخذ بيد علي بن أبي طالب، و قال: من كنت مولاه فعلي
مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله..