قال رجل من الجمع: صدقت في هذا.. ففي هذا الجمع من أحب محمدا واتبعه، وفيهم من أحبه، ولكن حبه لم يرق به إلى أن يتبعه.. فلذلك يكتفي بالثناء عليه واحترامه.
قال نيقتاس: كلاهما عندي سواء من اتبعه أو من لم يتبعه.. ما دام يحبه فإن أثر عدواه ستنتقل إليه.
قال رجل من الجمع: ولكن عن أي عدوى تتحدث.. لا نحسب أن في أتباع محمد مرضا معديا خاصا بهم.
قال نيقتاس: ليس مرضا واحدا.. بل أمراض كثيرة.. أو قل مرض اجتمعت فيه جميع الأمراض.
قالوا: لقد ملأت قلوبنا مخافة، فحدثنا عنه، وعن سر إصابتهم به.
قال نيقتاس: الانطواء.. لا شك أنكم تعرفون هذا المرض النفسي الخطير.
قالوا: أجل.. ولكنا نرى أتباع محمد أبعد الناس عنه.
قال نيقتاس: لقد كان الناس يسمعون بأن الانطواء انطواء أفراد.. ولكن محمدا حول منه انطواء مجتمع، بل انطواء أمة.
قالوا: لا نكاد نفهم ما تريد.
قال نيقتاس: سأضرب لكم مثالا يقرب لكم هذا، وفي نفس الوقت يبرهن عليه.
أصاخت الجماعة بأسماعها، فراح يقول: أتعرفون العهد القديم؟
قالوا: أجل.. وهو ركن من أركان الكتاب المقدس.
قال نيقتاس: أليس هو في أصله كتاب اليهود المقدس؟
قالوا: أجل..
قال نيقتاس: ولكنه كتاب المسيحيين أيضا.. فالمسيجيون يقبلون الآخر، ويحترمونه، ويستفيدون منه.