بل إن القرآن ينهى عن موالاة الأب لابنه والابن لأبيه إن كان
كافرا.. اسمعوا.. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى
الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (التوبة:23)
أما محمد الذي تأدب بآداب القرآن كما يزعم، فقد كان أكبر شخصية
انطوائية في التاريخ.. لقد وقف كالجدار الصلب أمام كل المحاولات التي بذلها قومه
ليقيموا حلا وسطا تحقن فيه الدماء، وتحفظ لكل واحد من الفريقين حرمته.. لكنه رفض
كل ذلك، وأصر على ذلك التميز الذي جعل من دينه دينا مغلقا لا يمكن لأحد أن يخترقه،
وجعل من أتباعه ناسا انطوائيين لا يمكن لأحد أن يسمعهم صوته..
لقد روي أن بعض أصحابه جاءه يوما، فقال: يا رسول الله، إني مررت
بأخ لي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة، ألا أعرضها عليك؟
قال: فتغير وجه رسول الله a، قال عبد الله بن ثابت: فقلت له:
ألا ترى ما بوجه رسول الله a؟ فقال عمر: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا،
قال: فسري عن رسول الله a وقال:(والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى، ثم اتبعتموه
وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين)[1]
وفي رواية أنه قال له:(أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والذى نفسي
بيده لقد جئتكم بها
[1] رواه أحمد، قال الهيثمي
في المجمع (1/173): رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه جابرا الجعفي.