جاره، فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إليّ فكتبته له، فكان إذا
ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره
معنا، قال:(فكل هذا أحدثكم عن رسول الله a؟)[1]
فقد كانت حياة رسول الله a ـ بحسب هذا الحديث ـ لا يختلف عن
حياة سائر الناس، فلا تكلف فيها ولا تطرف.
وقالت عائشة تذكر موقفا من المواقف التي عاشتها مع رسول الله a: كان عندي رسول الله a وسودة بنت زمعة فصنعت حريرة،
وهي دقيق يطبخ بلبن أو دسم، وجئت به، فقلت لسودة: كلي، فقالت: لا أحبه، فقلت:
والله لتأكلن أو لألطخن به وجهك، فقالت: ما أنا بذائقته، فأخذت بيدي من الصحفة
شيئاً منه فلطخت به وجهها، ورسول الله a جالس بيني وبينها، فخفض لها رسول الله a ركبتيه لتستقيد مني، فتناولت من
الصفحة شيئاً فمسحت به وجهي! وجعل رسول الله a يضحك[2].
وكان a يمازح أصحابه، ويتطلف معهم في مزاحه، ومما روي في ذلك أن عجوزا
قصدته، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها a:(يا أم فلان، إنّ الجنة لا يدخلها عجوز!)،
فبكت المرأة، لأنها أخذت الكلام على ظاهره، فأفهمها a أنها حين تدخل الجنة لن تدخلها
عجوزاً، بل شابة حسناء، وتلا عليها قول الله تعالى في نساء الجنة:﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً
فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرباً أتراباً ﴾ (الواقعة: 35 ـ37)[3]
وجاء رجل يسأله أن يحمله على بعير، فقال له a:(لا أحملك إلا على ولد الناقة!) فقال: يا
رسول الله، وماذا أصنع بولد الناقة؟! ـ انصرف ذهنه إلى الحُوار الصغير ـ فقال a: